الاثنين، أغسطس 15، 2011

هنــد رستم‏..‏ نجمة إغراء لم تخدش الحياء العام

هند رستم إحترمت الأغراء
هي أيقونة الجمال في السينما المصرية‏,‏ وصاحبة البريق الآخاذ منذ اللحظة الأولي التي أطلت فيها علي الشاشة الكبيرة بملامحها العذبة وتكوينها الجسماني الذي يجمع خليطا نادرا من الجاذبية والإثارة غير المفتعلة‏,‏


ويعلو فوق هذا وذاك موهبة تقترب من حد الأسطورة في فن التجسيد الحي, مما جعل منها لونا متميزا تختلف فيه عن مثيلاتها حتي من نجمات الاغراء.
إنها الراحلة الكبيرة هند رستم التي تفردت ببصمة خاصة في فن الإثارة والجاذبيةغيرالمبتذلة, وقد صدق فعلا المخرج الراحل الكبير حسن الإمام حين قال ذات يوم:' أنها أعطت للإغراء مفاهيم جديدة ابتعدت به عن سذاجة عرض الجسد'. طوال33 عاما نجحت هند رستم أو' مارلين مونرو الشرق', في أن تبني بناء شاهقا لاسمها, وموقعا فنيا يطاول هامات المجد والتفرد علي الشاشة السينمائية من خلال تقديمها إلي ما يقرب من80 فيلما, مستندة في ذلك إلي قدرتها الفذة علي أداء أدوار متنوعة ومتميزة, فهي النشالة والمدرسة,والمذيعة,والممرضة, وعاملةالنظافة,وبائعةالمشروبات الغازية,والراهبة,والراقصة والأم وغيرها من الأدوار التي كتبت إسمها بحروف من ذهب في سجل السينما المصرية, وهي ربما تكون الوحيدة من بين نجمات هذا الزمان اللاتي لم يكتب لهن النجاح بالمصادفة, أو بسبب ضربة حظ عشوائية, فقد بدأت حياتها السينمائية بأدوار صغيرة ظهرت فيها مجرد كومبارس, ولا نكون مبالغين إذا قلنا أن أقصي ما كانت تحلم به هو أن تطول مشاهدها قليلا في أي فيلم تظهر فيه, بل كانت تنام وتحلم بأن تنطق جملة واحدة لا جملتين في أي مشهد تمثله.
ويبدو لي أن تلك الأحلام المتواضعة جدا جعلت منها شخصية غاية في التواضع الإنساني أيضا خارج إطار البلاتوه أو حتي في حياتها العادية, كما كانت تبدوا لي دائما في أدب جم عبر كل لقاء تليفوني أو مباشر, فمعها أو في حضرتها كنت أشعر بدفء اللحظات وعفوية الحوار المفعم بالأحاسيس والمشاعر وتوقد الموهبة الفطرية التي ظل بريقها آخاذا لايفارق عينيها الجميلتين حتي آخر نفس.. إلي تفاصيل وكواليس لحظات خاصة جدا في حضرة فتاة أحلام الزمن الجميل.
المشهد الأول: كان نفسي أطلع ولد وأرتدي البدلة' الميري'
لم تنعم نجمتنا الكبيرة بطفولة سعيدة ولم تلعب بعرائس البنات مثل كل طفلة في مثل عمرها, ولكنها عانت الأمرين بسبب إنفصال والدها الذي كان يعمل ضابطا عن أمها وهي في الخامسة من عمرها, ولم تعي معني الأنفصال ولا كلمة الطلاق وهي في هذه السن الصغيرة,لكنها شعرت بكل هذا عندما تتطلب الأمر أن تذهب لتعيش مع زوجة والدها وتعاني الحرمان بسبب ابتعادها عن والداتها التي كانت تمثل لها كل شئ في الحياة, لكنها وبعد اتمامها لشهادة المرحلة الابتدائية رجعت مرة أخري لأحضان والدتها وأكملت معها حياتها وعاشتا سويا في منزل بسيط بدون سند ولا رجل في حياتهما, وهذا التذبذب وكما قالت لي في أحد الحوارات التي دارت بيننا عن طفولتها,كسر' جواها شيئ',هذا الشئ هو الشعور بالأمن والإستقرار,وهذا الشعور ظل يلازمها فترة طويلة من حياتها, لدرجة إنها تزوجت من زوجها الأول المخرج حسن رضا لتهرب من هذا الإحساس القاتل لكن هذا الإحساس ظل يلازمها حتي إرتبطت بالزواج من حبها الكبير الدكتور محمد فياض الذي غمرها بالحب والدلال والعطف والحنان, وفي كنفه عرفت معني الأستقرار والأمان والجو الأسري الدافي, لهذا لم تكن تجدها في أي تجمعات أو سهرات فنية.
ومن الأشياء الطريفة التي تذكرها هند رستم عن طفولتها: إنها كانت تحب اللعب مع الأولاد أكثر من البنات, وكانت لا تحب شكل العرائس ولكنها كانت تنبهر بالعربيات المتحركة' بالزمبلك',وتعشق المسدسات والبنادق, وكثيرا ما تمنت أن تكون ولدا وتشتغل ضابط شرطة مثل والدها وترتدي البدلة' الميري'و'تشخط وتنطر في خلق الله',لهذا كان أولاد الجيران يعملون لها ألف حساب, لأنها كانت شديدة معهم ولا تتعامل مثل البنات و عندما تغضب من أحد' ياوقعته السوده كانت تضربه وتشنكله وما فيش يا أمه أرحميني علي حد قولها'
المشهد التاني: زجاجة لبن ابنتي جعلتني ممثلة
من الإعترافات الجريئة لنجمتنا الراحلة هذه القصة التي جاءت علي لسانها:قبل أن أصبح نجمة شهيرة عشت لحظات حالكة السواد, فبعد ولادة ابنتي الوحيدة بسنت بعام جاء يوم من هذه الأيام التعسة, لم أجد فيه زجاجة اللبن الذي كان غذاؤها الوحيد, ومضيت أفكر في طريقة أجد بها ثمن اللبن, لكن وجدت كل الأبواب مغلقة في وجهي, وفي هذا الوقت كنت أعرف بنت أسمها' لينا' تعمل كومبارس في السينما, وفي هذا اليوم تحديدا جاءت تزورني, فجلست معها أضحك دون أن أتدرك إن إبتسامتي تخفي وراءها أحلك مأساة يمكن أن تعانيها أم, ولم أبح لها أو لغيرها بأي شئ فقد كنت شديدة الأعتزاز بكرامتي وأكره أن أمد يدي لأستدين, بل لقد كانت بعض زميلاتي تعتقدن إنني كنت أدخر مبلغا لا بأس به في البنك, ولم أشأ أن أبدد هذا الاعتقاد حفظا علي كرامتي من الإمتهان, ومضت تطوف برأسي أفكارجنونية, فكرت في أن أدخل أية صيدلية وأختطف علبة من اللبن المحفوظ وليكن بعد هذا ما يكون, وبينما أن أفكر في هذه الفكرة المجنونة سمعت صديقتي تقول لي' أيه رأيك يا هند تيجي معايا الأستديواليوم المخرج محمد عبدالجواد بيدور علي كومبارس لفيلمه' أزهار وأشواك', فقلت لها:' هيدفعوا فلوس'
قالت: هتدخدي عشرة جنيه
فقلت لها يلا فورا علي الأستديو.
وفعلا قبضت عشرة جنيهات ورفعت رأسي إلي السماء وهمست عبر دموعي' يا ما أنت كريم يارب', وكان هذا الدور بداية لمجموعة كبيرة من الأدوار الثانوية التي قمت بها حتي وصلت لبطولة أول أفلامي' بنات الليل' عام1955.
المشهد الثالث: بنات الليل
يعتبر فيلم' بنات الليل' إخراج حسن الإمام أول فيلم تقوم ببطولته المطلقة الفنانة هند رستم بعد20 فيلما تراوحت أدوارها فيها مابين كومبارس وأدوار ثانوية, و8 سنوات إنتظارا وعن ذكريات أول يوم تصوير في هذا الفيلم تقول:عندما دخلت الأستديو كنت أشعر أن كل الموجودين يسمعون دقات قلبي, وكان في قلبي عدة أحاسيس تتضارب وتتفاعل ولايبدو علي وجهي غير الاهتمام البالغ, وكان حسن الأمام ينظر لي نظرات مشجعة, وكانت أول لقطة بيني وبين مديحة يسري طويلة ومعقدة ومليئة بالخطوات المرسومة لي علي أرضية الأستديو حتي أحافظ علي الحركة, وحوار طويل جدا من المفروض أن أستعطف فيه مديحة أن ترجع لي ابنتي التي اشترتها مني مقابل مبلغ من المال, وترفض مديحة, مشهد صعب جدا وملئ بالمشاعر الفياضة, ورغم حفظي لكلمات الحوار إلا إنها تطير مني بمجرد أن تدور الكاميرا, لدرجة إننا عدنا المشهد اثنتي عشرة مرة, ومديحة لا تبدي ضجرا من أخطائي, والمخرج حليم واسع الصدر,لكن فجأة سمعت المنتجة الفنانة ماري كويني تهمس لحسن اللقطة صعبة جدا يا أبوعلي' وما كنش لازم هند تعملها في أول يوم تصوير',قالت هذا لأن الأشفاق أدركها بي,وطنت العبارة في أذني كما لو كانت تشكيكا في إستطاعتي القيام بالدور,وألهبتني العبارة وسمعت المخرج يجيبها: لازم هند تعمل اللقطة دي دلوقت, وصاح تصوير: وفجأة وجدتني شخصية آخري تغيرات نبرات صوتي وبدأت أصول وأجول دون أن أخطأ في حرف واحد ولا في الخطوات التي رسمها حسن الإمام, وشعرت إنني في دنيا تانية ولم أفق إلا علي صوت المخرج وهو يقول رائع يا هند رائع يا مدام مديحة! وبدأ المشوار.

ليست هناك تعليقات:

Ellithy 100fm6 Headline Animator